القائمة الرئيسية

الصفحات

مبرهنة القيم المتوسطة : وهم أم حقيقة ؟

 مبرهنة القيم المتوسطة : وهم أم حقيقة ؟ 



مبرهنة القيم المتوسطة بنسختها البدائية تنص على أن كل دالة حقيقية مستمرة على مجال إذا غيرت إشارتها عليه فهي تقبل أصفارا.

لكنه لا يخفى على متخصص أن مبرهنة القيم المتوسطة مبنية على  لذلك هي تعمم طبولوجيا بكون صورة كل مترابط بتطبيق مستمر هو مترابط.

لذلك مبرهنة القيم المتوسطة ليست فقط خاصية متعلقة بالدالة بل هي خاصية متعلقة ببنية الفضاء الطبولوجي الذي تعرف عليه الدالة.

فلو تأملنا جيدا مجموعة الأعداد الناطقة ببنيتها الطبولوجية المعتادة لوجدنا أن هذه المبرهنة لا تصح عليها لفقدان الحقل العددي الناطق لخاصية الترابط وخير مثال على ذلك الدالة 

f(x) = x^2 - 2

إذ هي تغير الإشارة بين الصفر و إثنين لكنها لا تقبل أصفارا.

أصحاب المنطق الحدسي يرفضون هذه المبرهنة لكونها تستعمل مبدأ الثالث المرفوع لكنهم يعوضونها بمبرهنة حدسية تنص على أن أي دالة حقيقية مستمرة إذا غيرت إشارتها على مجال فإنه من أجل أي إبسيلون موجب تماما يمكننا أن نجد سابقة، القيمة المطلقة لصورتها بالدالة  أقل من إبسيلون أي :

f(x) : [a, b] ⟶ R


f(a) × f(b) < 0 ⇒ (∀ ξ > 0,  ∃ x(ξ) ∈ ]a,b[ : |f(x(ξ) )| < ξ)


بتعبير آخر لا نشترط هنا وجود صفر للدالة لكن يمكننا الإقتراب من الصفر كيفما نشاء.


عند النظر في الواقع فسنجد أن الترابط مسألة ترفضها الفيزياء الحديثة إذ المادة كلها متقطعة كما أن الرياضيات نفسها ترفض إمكانية إنشاء جميع الأعداد الحقيقية.

بل كل حسابتنا تتم عن طريق مجموعة الأعداد العشرية وكلها تقريبية.

الحقيقة أننا لا نستعمل مبرهنة القيم المتوسطة بالشكل المتفق عليه في المنطق الصوري إنما نستعمل نسختها من المنطق الحدسي أو الرياضيات الإنشائية.

أي نحن نستعمل تقريبا للدالة من الصفر عندما ندرك أنها تغير الإشارة ولا نستطيع البتة الجزم بمرورها بالصفر  بل هذا مستحيل في فيزياء الكم من عدة أوجه منها مبدا الشك لهيزمبرغ الذي يخبرننا بعدم إمكانيتنا للقياس بدقة ومنه استحالة قياس صفر مطلق وكذلك لتقطع الطاقة فالتغير غير ممكن إلا بوحدات فهو تغير غير مترابط فلا يمكننا الجزم بمرور الدالة من الصفر لأنها تتغير بقفزات.

هنا يتبين لنا أن الرياضيات بحذ ذاتها دقيقة ودقتها مستمدة من تجريدها عن الواقع لكن متى هممنا بتطبيقها عن طريق الفيزياء نصطدم بفقدان الدقة نتيجة للضعف البشري في التصور من جهة ولضعفه في جمع المعلومات عن طريق مراقبة الواقع.

الأهم هنا هو أن ندرك أن المنطق الحدسي النظري بفرعه التطبيقي المسمى بالرياضيات الإنشائية هو ليس مجرد مذهب فلسفي بل هو طريقة فعالة لصناعة رياضيات قابلة للتطبيق في الواقع.

مجموعة إبن البناء المراكشي.

هل اعجبك الموضوع :

تعليقات